إدمان التواصل

0


ما هي أسباب إدمان الهرويين؟
سؤال غبي اليس كذلك؟، الهرويين بالطبع هو سبب إدمان الهرويين. ويحدث عن طريق تناول الشخص جرعات منتظمة من المادة لمدة 20 يومًا، بعدها يصبح الجسم متلهف بشده للجرعة نتيجة تفاعل المادة الكيمائية للهرويين مع الدم. ولكن هناك أمر ما غير صحيح، أو الامر برمته غير منطقي. لماذا؟
إذا كُسرت ساقك أو ذراعك سوف تنقل للمستشفى فورًا لكي يتم علاجك اليس كذلك، هناك سوف يعطونك جرعات من مادة دي مورفين (Diamorphine) المسكنة للألم لأسابيع او حتى أشهر لكي يتم علاجك. دي مورفين هو مثله مثل الهرويين بل في الحقيقة هو أقوى منه لأنه ليس ملوث بإضافات التجار التي يضعونها لكي يضمنوا نسبة ربح مرتفعة. حسنًا، هناك الآن في المستشفى التي بالقرب منك كميات كبيرة من الهرويين الفاخر ومرضى يتعاطون الهرويين ولن يشفوا بل سوف تدهور حالتهم ويموتوا.
لكن هذ لم يحدث، هم يخرجوا من المستشفى وتُشفى ساقهم المكسورة ولا يظهر عليهم أي من أعراض الإدمان.  إذا الهرويين ليس له ذنب في الإدمان.

حسنًا، ما هو سبب الإدمان الحقيقي؟
في البداية ترجع نظرية تفسير سبب الإدمان الى القرن العشرين حيث قام علماء بوضع فأر في قفص زجاجي مع زجاجتين من المياه، واحده فيها ماء فقط والأخرى فيها ماء مع كوكايين، تقريبًا في كل مره نفذت التجربة كان الفأر يصبح مهووسًا بالماء المخدر ويظل مستمرًا على حاله في تناول الجرعات بطريقة متزايدة حتى يقتل نفسه.
لكن في السبعينات قام عالم يدعى بروس ألكسندر (Bruce Alexander) بأجراء تعديل على شكل التجربة، حيث قام ببناء منتزه للفئران (Rate Park) وجعل فيه كل شيء يتمناه الفئران في حياتهم مثل الانفاق والجبن والكرات الملونة وأصدقاء مما جعل حياتهم مترفه وسعيدة، وقام بوضع زجاجتين المياه العادية والمخدرة وأخذ يراقب نتيجة التجربة، كانت النتيجة مفاجئة حيث لم يتناول فأر واحد بالكاد من الزجاجة المخدرة بشكل مهووس او مفرط في الجرعة، لا أحد منهم استخدمها بشكل منظم او إلزامي.

هذه قد تكون تجربة يصعب تعميمها على البشر، دعني أخبرك بتجربة أخرى.
في حرب فيتنام كان يوجد 20% من القوات الامريكية استخدموا الهرويين، الناس ذعروا من هذا الخبر وتوقعوا ان الشوارع سوف تمتلئ بالمدمنين في كل مكان، لكن هذه لم يحدث. في دراسة تبعت هؤلاء المجندين في بيوتهم وجدوا شيء ملحوظا، انهم لم يذهبوا الى مراكز التأهيل، ولم يصبحوا مدمنين ايضًا. 95% منهم توقفوا بعد أن عادوا الى منازلهم مباشرة.

ليست المشكلة في المواد الكيمائية، المشكلة في القفص الخاص بك.
إذا كنت مؤمن بالنظرية القديمة للإدمان إذا انت على خطأ، ولكن إذا كنت تؤمن بنظرية البروفيسور ألكسندر فأنت على حق. لأنه إذا وضعت في غابة مرعبة وحيدًا في بلد أجنبي حيث ستضطر للقتل أو الموت في أي لحظة فإن استخدام الهيرويين وسيلة رائعة لقضاء بعض الوقت، ولكن إذا عدت الى منزلك مع عائلتك واصدقائك فهذا يشبه الخروج من القفص الأول الى المنتزه البشرى.

البشر بطبيعتهم لديهم حاجة فطرية الى الترابط والاتصال مثل حاجتهم لشرب الماء، عندما نكون سعداء وبصحة جيدة، سوف نترابط ونندمج مع الناس ونكون علاقاتنا الخاصة، أما عندما نكون مصابون بصدمات نفسية او بائسين من الحياة ومعزولين لا نستطيع أن نتواصل مع البشر من حولنا فأننا سوف نرتبط بشيء يعطينا الشعور بالارتياح، قد يكون الجلوس امام التلفاز لساعات طويلة او العاب الفيديو او لعب القمار او التحقق من الهاتف الذكي الى ما لا نهاية أو الكوكايين.
سوف نحاول أن نخلق لأنفسنا بديلا نتصل به ونترابط معه لكي نشبع حاجتنا البشرية. طريق التخلص من الارتباطات الضارة هو تكوين ارتباطات صحية، أن تكون متصلا بالناس وحاضرًا معهم.
في إحصائية ظهرت في الولايات المتحدة انه منذ خمسينات القرن الماضي ومتوسط عدد الأصدقاء للفرد الأمريكي يتراجع في الوقت نفسه مقدار المساحة الأرضية في منازلهم تزايدت.

أين الخلل، وما الحل؟
جميع الحروب التي قامت بها المجتمعات على المخدرات قد جعلت كل شيء أسوأ، لأنهم يحاربون السبب الخطأ بالتالي لن يصلوا إلى النتيجة الصائبة. نحن نحتاج أن يتعافى المجتمع من الإدمان وليس الأشخاص، نحتاج أن ندرك الخلل ونقوم بإصلاحه، نحتاج أن نتواصل ونترابط مع بعضنا البعض، نحتاج الى بناء مجتمع يشبه منتزه الفئران وليس بناء أقفاص زجاجية معزولة.

في الحقيقة عكس كلمة الإدمان ليس التعافي، عكس الإدمان هو التواصل والخروج من القفص.



المصادر:
1-فيديو يشرح الفكرة:   Addiction






يتم التشغيل بواسطة Blogger.

جميع الحقوق محفوظه © دماغ للبيع

تصميم الورشه