الشغف أو الموت

0
"ميتٌ هو من يتخلى عن مشروع قبل أن يهمّ به، ميتٌ من يخشى أن يطرح الأسئلة حول المواضيع التي يجهلها، ومن لا يجيب عندما يُسأل عن أمر يعرفه.ميت ٌمن يجتنب الشغف ولا يجازف باليقين في سبيل اللايقين من أجل أن يطارد أحد أحلامه".
 بابلو نيرودا- شاعر تشيلي الجنسية حائز على جائزة نوبل فى الآداب.

إن الشغف يهون علينا بعضًا من بؤس الحياة، اُنس لنا فى وحدتنا ورفيق في عُزلتنا وظهرًا نتكئ عليه في سقوطنا وفشلنا، يحمل عنا آثار الفشل و يحثنا على المحاولة تلو الأخرى، ويكون الدافع والحافز حتي نقف على أقدامنا وننهض من عثرتنا.

منذ فترة، عندما كنت أستيقظ فى الخامسة والنصف فجرًا كل يوم للذهاب إلى الجامعة كنت أجد صعوبة  في القيام من علي الفراش،  بالرغم من أن هذه الحالة لا تدم أكثر من ربع ساعة بسبب صرخات المنبه الحادة، إلا أنها كانت كافية لتعكر صفو يوم جميل ومشرق من قبل أن يبدأ. كانت حالة من اليأس ومن الفتور واللامبالاة، فلا شيء ذو قيمة يدفعني لكي يجعلني بشوش الوجه، أو يجعلني أرد الابتسامة وتحيات السلام لأصدقائي وزملائي الذين أقابلهم يوميًا فى الجامعة.

الحياة كانت باهتة بدون لون يعطى لها قيمة، لم تكن شاقة ولم تكن سهلة، لم أجد لها وصفا يميزها عن حياة باقي البشر. غير إنها حياة مفتقدة للشغف و بدون هدف. لذلك قررت التوقف عن ممارسة الحياة الزائفة والبدء في البحث عن جوهر ومعنى لهذه الحياة.

حينما قررت أن أعلن عن حالة التمرد، كان علي أن أواجه نفسي أولاً. كان علي أن أقف أمام المرآة وانظر لهذا الشبح وأساله من أنت؟ وماذا تريد؟. أخبره أنى آسف له، أعلم أنى تأخرت على تلك اللحظة. إنها أسئلة على الرغم من أنها مصيرية، ألا إنها لم تخطر ببالي من قبل ولم أعرف كيف أجيب عليها.

أتخيل نفسي وعينيها تتسع من الدهشة وبنوع من العتاب تتساءل، أين كنت؟ لقد انتظرتك كثيرًا، ثم تحتضنني بين ذراعيها بحرارة ولهفة كلهفة الأم علي ابنها. عندها علمت أنى قد عدت للحياة بعد سفر دام أعومًا.

من الممكن أن تطول رحلة البحث عن الشغف، لكن الحياة بدون شغف كالحياة بدون أكسجين. حياة مليئة بالتنفس الصناعي المؤقت، حياة ليست حقيقية، لهذا كان لا بد من إيجاد شيء يستحق العناء ويستحق الاستيقاظ فجرًا كل يوم دون كلل أو ملل، ويستحق أن تفنى عمرك لأجله.

الموت هو أن تعيش مفتقد للشغف، فلا معنى لحياة تُبذل في سبيل لاشيء.



يتم التشغيل بواسطة Blogger.

جميع الحقوق محفوظه © دماغ للبيع

تصميم الورشه