لماذا الثانوية العامة ستظل الأفضل ؟

0

لا يغيب على احد في مصر ما يحدث مع طلاب الثانوية العامة الآن، لكن هذا ليس جديد على التعليم في مصر.
في السطور التالية سأحكى معاناة الطالب المصري من خلال قصة واقعية .

في مثل هذه الأيام من عام 2013 كنت في انتظار المستقبل المشرق الذي لطالما حلمت به. كنت في انتظار ظهور نتيجة المجهود، والسهر، والتعب، والقلق، والخوف.
كنت في انتظار نتيجة الثانوية !
لكني كنت ثانوي فني (دبلوم)، فهي شهادة ليس لها قيمة وليس لها مستقبل سواء مشرق، أو حالك الظلام.

عندما ظهرت النتيجة غُمرت بالسعادة لأني نِلت التقدير أخيراً، وحصلت على مجموع (86.6 %) وهى نسبة تجعلني من العشر الأوائل على المدرسة  فلقد كنت متفوقا على أقراني السنين السابقة وهو ما جعلني في مرتبة الشرف وسط زملائي
ولكن كان هناك  سؤال منطقي حطم رأسي .. هل أنا استحق هذا التقدير؟

في نفس العام من شهر مايو كانت بداية الامتحانات وكنت على استعداد قبلها بأشهر.
في أول يوم للامتحانات دخل المراقب وقام بتوزيع ورق الإجابة والأسئلة ثم بدأت أنا في الحل، بعد نصف ساعة تقريباً كنت منهمكاً في الحل لم أكن لأرفع رأسي من على الورقة الا عندما سمعت صوت داخل اللجنة، فرفعت رأسي لإلقاء نظرة.
لم تكن مفاجأة بالنسبة لي، كنت أتوقع شيئاً كهذا ولكن ليس بهذه الدرجة.

كان الطلبة يجلسون بجانب بعض على نفس المقعد يتبادلون الإجابات ولا يوجد احد داخل اللجنة من المراقبين، أصبحت لجنة الامتحان مثل سوق الماشية قبل عيد الأضحى كلُُ يجرى في اتجاه والصوت يعلو ويعلو وأنا أريد أن استجمع ذاكرتي لاستكمال الحل، لكن بدون جدوى.
 هل سأسكت على هذا الوضع؟

انتفضت واقفاً وقمت بالنداء على المراقب بأعلى صوت لدي
- ما الذي حدث لتقوم برفع صوتك هكذا؟
سأل هذا السؤال كأنه طفل برئ في الثالثة من عمره  
كدت انفجر غضباً، قلت له ألا ترى الموقف؟ لا أستطيع التركيز في الحل؟ سوف ينتهي مستقبلي
- اجلس وانظر في ورقة إجابتك ولا تلتفت لأحد

فَرَّتْ من عيني بعض الدموع أدركتها سريعاً.

قلت لنفسي لن اصمت على هذا الوضع مهما كان سأخرج من هنا وأقدم فيه شكوى لأعلى المناصب حتى لو تطلب الأمر أن اذهب للوزير، أنا لن اترك مجهودي يذهب هباءً هكذا.
تحدثت مع أصدقاء لي في اللجنة المجاورة قالوا: لم تقدر على فعل شيء، هذه المنظومة متواجدة منذ سنين على هذه الطريقة.
لم يصيبني اليأس
ذهبت إلى الإدارة التعليمية لأقدم شكوى. قابلت رجل من المسئولين هناك-رجل يقارب الستين من العمر-قال:
 ليس لدي مانع ولكن اسمع نصيحتي لن تفعل شكوتك شيء ولن تغير شيء، من المكن فقط أن يقوموا بنقل المراقب لكن سيأتي مثله في المرة القادمة، وسوف تعرض نفسك لمواجهة مع زملائك بعد أن يعلموا انك أنت من كنت تحاول منع الغش عنهم .
هذا يعنى أن علي القبول بالأمر وأغش مثل باقي زملائي، فأنا لست نبي، أو أحاول تصعيد المشكلة وحينها لا اعلم ماذا سوف يحدث لي ؟

في الامتحان التالي دخلت لجنة الامتحان بورق يخص المادة وفتحته أثناء الامتحان لم أكن أنا الحالة الوحيدة، فلقد كنت أنا اقلهم في مستوى الغش فأنا لست محترفا مثلهم!
كانوا يكتبون على أجسادهم وعلى المقاعد والحوائط لكن بعد فترة تطور الأمر، لم تكن تبذل مجهود لكي تغش فلقد أصبح الوضع متدهور جدا. كانوا يدخلون إلى اللجنة بكتاب المادة ويفتحونه أمام أعين المراقب وهو لا يسمع، لا يرى، لا يتكلم.

في النهاية أصبحت مثلهم لم يكن لدي وقت للمذاكرة، بل كان كل الوقت في تسهيل عملية الغش، كانوا يتسابقون من ينهى الامتحان أولا.
انتهت الامتحانات وانتهت هذه المهزلة ، لكن ماذا بعد ؟!

نعود هنا للسؤال مره أخرى هل أنا استحق فعلا هذا التقدير؟
في الواقع نعم استحقه بل استحق أكثر منه. لقد كنت أقوم بنقل الإجابة من الكتاب كما هي كيف لا احصل على الدرجة النهائية في كل المواد؟
حسناً دعك من هذا، لقد ظهرت النتيجة وانتهى الأمر وسوف انتظر التنسيق.

نأتي هنا للنصف الأخر من القصة.
انتظرت المرحلة الثانية للتنسيق لان المرحلة الأولى للثانوية العامة فقط.
قمت بملء الرغبات لم يكن هناك خيارات كثيرا إما كلية من كليات التعليم الصناعي الأربعة أو معهد فني صناعي
أو معهد خاص، لم يكن هذا الخيار الأخير متاحاً فبقى أمامي خيارين فقط إما كلية التعليم الصناعي- وهذا ما كنت أريده –
أو المعهد الفني الصناعي.
ظهرت نتيجة التنسيق أخيرا بعد شهور من انتهاء الامتحانات وشهور من انتظار تحديد المستقبل.

نتيجة التنسيق- معهد فني صناعي 

ولكن لماذا ؟
لان كلية التعليم الصناعي تقبل  ابتداء من 89.9 % والمعهد الفني الصناعي يقبل من 72%
وكانت هذه السنة الوحيد التي يرتفع فيها التنسيق بهذا الشكل. لم أكن  ذو حظ سيء مثل هذه المرة.
حسناً ما الحل ؟ هكذا تحطم الحلم ؟ أم هناك طريق بديل لتحقيقه ؟


أنا المخطئ من البداية لماذا لم ادخل ثانوي عام ؟
كان هذا السؤال فئ ذهني طوال الوقت، لماذا فعلت ذلك بنفسي ؟
على الأقل كنت أصبحت الآن طالب بكلية التجارة أو الحقوق أو .... الخ

ولكن دعك من الماضي لكي تعيش.














يتم التشغيل بواسطة Blogger.

جميع الحقوق محفوظه © دماغ للبيع

تصميم الورشه