لِما تكتب !

0

ليس كل ما يجول فى خاطرى يستحق أن تعرفه، لكن بعضه يستحق. بعضه هذا لا استطيع أن أخبرك به لفظيًا وجه لوجه، لكن أستطيع أن أخبرك به كتابيًا بالورقة والقلم.

لم أقرأ مائة كتاب حتى أطلق على نفسى لقب كاتب ولا حتى عشرة كتب، ليس لدي فكر أو أسلوب، ليس لدي معرفة كامله بشيء يستحق أن أكتب عنه، كل ما فى الامر انى احب ذلك الشيء الذى يسمونه الكتابة،أحب أن أجد شئ ابوح اليه باسرارى ويسمع منى صوت أفكارى، أحبُ وما دمت تحب شيئًا فلابد أن تعبر له عن حبك ولو بنظرة أو ورده أو إشارة... أو حتى كلمة.
 ما دمت تحب فعليك أن تثبت لحبيبك انه يستحق تلك المحبة وانك تستحق أن يبادلك نفس الاحساس.

أنا اكتب لكي أظل أنا، ولكي اضع امام قسوة هذه الدنيا حائط يحول بينى وبينها، حائط أختبئ وراءه من عواصفها وتقلباتها، حائط أخرج فى الصباح من خلفه لكي اواجه العالم وأهرول اليه ليلاً لكي يأوينى بين جدرانه، فلا يبقى لى مأوى  الا الله، ثم الحائط. عندما أعود اليه ليلا اجده فى انتظار حكاية النوم، لا تغفل له عين الا حينما احكى له عن يومى وكيف يعيش الناس حياتهم، أحكى له عن العدل والظلم والصدق والكذب عن الامانة والخيانة،عن الامان والحب والهوى، عن الرزق والحكمة والصبر، عن خناقة المواصلات يوميًا على الأجرة وعن المرأه التى تبيع المناديل أمام باب الجامعة منذ ثلاث سنوات، عن الرجل ذو الشعر الابيض الذى يجلس على الرصيف ليريح ظهره من جمع زبالة الناس، عن الشاب الذى شحب وجه وذبلت عينيه مثل اوراق نبات جفت من قلة المياه ومن السهر  فى العمل ليلاً لكي يوفر حياة كريمة لزوجته مستقبليًا. عن الطفل الذى يمسح السيارات فى الاشارة واخته التى تبيع علب المناديل ذات الرائحة، عن اشياء لا تُرى بالعين إنما بالقلب.

الخيال هو رفيقى الوحيد فى هذا العالم الذى لا يمكن أن استغنى عنه، هو معى اينما اكون فى المواصلات او داخل قاعة المحاضرات، فى نومى وفى أحلامى، فى يقظتى وفى عملى، لماذا استغنى عنه وهو من يحيينى، من يمدنى بالكهرباء لكي أرى ما لا يستطيع ان يراه الآخرون، لذك من حقه علي ان يتحول الى واقع ولو كان على ورق ولكي يخرج من قوقعته ليرى النور. هو يستحق ذلك.

الكتابة بالنسبة لي ليست مجرد طقوس او ان تحضر ورقه وقلم، أو تحرك اصابعك على لوحة المفاتيح، الكتابة هي انتقال من عالم الى عالم، من شخص الى شخص، تحول من حالة الى حالة، مثل تحول الماده من الحالة السائلة الى الغازية فإن الماء يصير بخار فى الهواء، كذلك الكتابة هي تحول شئ الى شئ مضاده تمامًا. شئ لايدركه عقل انسان فى فهم ماهيته بل يشعر به.

 أُكمل فى وقت لاحق  ....
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

جميع الحقوق محفوظه © دماغ للبيع

تصميم الورشه