ذكريات بطعم الفول | دماغ للبيع

0

ذكريات بطعم الفول

0

ذات صباح مثل صباح يومنا هذا استيقظت مليء بالأمل والطاقة على غير العادة، على الرغم من أني لم اعطي حق لجسدي في النوم أكثر من خمس ساعات ليست متواصلة، لكن دعنا من ذلك، فأنا أعلم ان منهجي في الحياة قائم على نوع من العشوائية في النوم والاكل والطاقة.

ذهبت نفسي مشتاقة الي طبق فول فعزمت على الخروج والذهاب الى أقرب مطعم. كنت اعتدت في كل يوم جمعة لابد ان يكون من ضمن اطباق الإفطار الفول، سواء كنت في المنزل او العمل او أي مكان آخر، هي تعتبر طقوس مثل ارتداء الجلباب الأبيض، على الرغم من أني لا امتلك واحدًا. 
ذهبت الى أقرب مطعم فوجدته مغلق، شككت في بداية الامر اننا في يوم الجمعة لان هذا المطعم لم اره مغلقًا منذ اتيت الى هنا، لكن على اية حال لم يغير ذلك من رغبتي شيء، قررت الذهاب الى المطعم الاخر في نهاية السوق، بالرغم من ان المطعم الأخير جودته اعلى وطعم الفول لديه أفضل لكني كنت عزمت على الشراء من المطعم الأول قبل خروجي من الباب او قبل ان اضع المال في جيب بنطلون الترنج، لذلك لم انوي في لحظة ان اغير خطتي غير ان صاحب المطعم قرر ان يغيرها هو.

بعدما قررت الذهاب الى المطعم الابعد، استبطأت في السير ثم وقفت تمامًا، وبدأت أفكر في جدوى الامر، هل لابد من الفول ام بإمكاني ان استبدله بشيء موجود بالفعل في الثلاجة مثل البطاطس المسلوقة التي جردتها من قشرها بعدما تركتها تستغيث بلهيب عين البوتاجاز وتتعذب في الماء المغلي حتى نقص منسوب المياه الى النصف، او بحلاوة البوادي البار، او بجبنة الفيتا ليس لها ميزة غير انها ناصعة البياض مثل ملابس إعلانات المساحيق اليدوية.

في النهاية اخبرت نفسي انه لا داعي للقلق، فالميزانية تتحمل مثل تلك الرغبات الفقيرة، وقدمي ايضًا تتحمل السير لمسافات طويلة بحذاء رقيق مقطوع من اصبعه.

عندما اقتربت من المطعم بدأت الفكرة السابقة تعود بقوة، حيث وجدت انه من المستحيل ان انال بعض الفول قبل نصف ساعة على الأقل بسبب تلك الاعداد الغفيرة من البشر، قلّبت الفكرة في رأسي هل أعود الى البطاطس واحمد الله على ذلك، ام أكمل طريقي للنهاية.

للمرة الثالثة أأخذ قرار آخر بأن أقف في الطابور وانتظر دوري في توزيع تلك الغنيمة البقولية، ذهبت ناحية ما يسمونه كاشير يدوي، كانت امرأة منتقبة تجلس على كرسي خشبي مرتفع وأمامها مكتب مستطيل ذو واجهة دائرية مساحته في حدود مترين ونصف مربع، استطعت بمهارة وخبرة معًا ان اعرف انها لم تتجاوز الثلاثين على الأرجح او تجاوزتهم بقليل.

أعطيتها ما لدي من فكه مختلطة بين نصف جنية ورق وجنية آخر معدني، نظرت إليهم بدون اهتمام وازاحتهم من امامها قائلة:" مفيش بجنية ونص فول "، قلبت في جيب البنطلون على نصف جنية آخر ولم أجد، تذكرت نصف جنية ورق كان في الحافظة في الجيب الاخر من البنطلون، أخرجت المحفظة وأخرجت النص جنية وهممت بإعطائها إياه لكني سحبت يدي من أمامها وسحبت النقود الأخرى واعدت كل شيء الى موضعه في البنطلون وتركتها وتركت المطعم والفول، وتبخر الحلم بقرار رابع ليس لي دخل في أسبابه، انما الفلاح الإنجليزي هو السبب الرئيسي.

عدت من حيث أتيت أجر في اقدمي، في الطريق تأملت النصف جنية الورق الذي كنت احتفظ به في مكان ما داخل المحفظة وحيدًا معتزًا به وبمن أعطاني إياه، نظرت اليه ثم فككت طبقاته باهتمام ليصبح في حالته الطبيعية وقرأت ما كتب عليه ثم ابتسمت وغمرني إحساس بالعزة والكرامة أني لم أفرط في حق صاحبه بالرغم من احتياجي الحثيث له ثم أعدته عزيزًا كريمًا الى موضعه ليرقد في سلام واطمئنان.

في النهاية قبلتُ بالبطاطس وقبلت بي هي الأخرى، وقررت هنا قرار خامس، انه لن ادع شخصًا مهما كان يكتب لي على ورقة نقود مرة أخرى. 

إدمان التواصل

0


ما هي أسباب إدمان الهرويين؟
سؤال غبي اليس كذلك؟، الهرويين بالطبع هو سبب إدمان الهرويين. ويحدث عن طريق تناول الشخص جرعات منتظمة من المادة لمدة 20 يومًا، بعدها يصبح الجسم متلهف بشده للجرعة نتيجة تفاعل المادة الكيمائية للهرويين مع الدم. ولكن هناك أمر ما غير صحيح، أو الامر برمته غير منطقي. لماذا؟
إذا كُسرت ساقك أو ذراعك سوف تنقل للمستشفى فورًا لكي يتم علاجك اليس كذلك، هناك سوف يعطونك جرعات من مادة دي مورفين (Diamorphine) المسكنة للألم لأسابيع او حتى أشهر لكي يتم علاجك. دي مورفين هو مثله مثل الهرويين بل في الحقيقة هو أقوى منه لأنه ليس ملوث بإضافات التجار التي يضعونها لكي يضمنوا نسبة ربح مرتفعة. حسنًا، هناك الآن في المستشفى التي بالقرب منك كميات كبيرة من الهرويين الفاخر ومرضى يتعاطون الهرويين ولن يشفوا بل سوف تدهور حالتهم ويموتوا.
لكن هذ لم يحدث، هم يخرجوا من المستشفى وتُشفى ساقهم المكسورة ولا يظهر عليهم أي من أعراض الإدمان.  إذا الهرويين ليس له ذنب في الإدمان.

حسنًا، ما هو سبب الإدمان الحقيقي؟
في البداية ترجع نظرية تفسير سبب الإدمان الى القرن العشرين حيث قام علماء بوضع فأر في قفص زجاجي مع زجاجتين من المياه، واحده فيها ماء فقط والأخرى فيها ماء مع كوكايين، تقريبًا في كل مره نفذت التجربة كان الفأر يصبح مهووسًا بالماء المخدر ويظل مستمرًا على حاله في تناول الجرعات بطريقة متزايدة حتى يقتل نفسه.
لكن في السبعينات قام عالم يدعى بروس ألكسندر (Bruce Alexander) بأجراء تعديل على شكل التجربة، حيث قام ببناء منتزه للفئران (Rate Park) وجعل فيه كل شيء يتمناه الفئران في حياتهم مثل الانفاق والجبن والكرات الملونة وأصدقاء مما جعل حياتهم مترفه وسعيدة، وقام بوضع زجاجتين المياه العادية والمخدرة وأخذ يراقب نتيجة التجربة، كانت النتيجة مفاجئة حيث لم يتناول فأر واحد بالكاد من الزجاجة المخدرة بشكل مهووس او مفرط في الجرعة، لا أحد منهم استخدمها بشكل منظم او إلزامي.

هذه قد تكون تجربة يصعب تعميمها على البشر، دعني أخبرك بتجربة أخرى.
في حرب فيتنام كان يوجد 20% من القوات الامريكية استخدموا الهرويين، الناس ذعروا من هذا الخبر وتوقعوا ان الشوارع سوف تمتلئ بالمدمنين في كل مكان، لكن هذه لم يحدث. في دراسة تبعت هؤلاء المجندين في بيوتهم وجدوا شيء ملحوظا، انهم لم يذهبوا الى مراكز التأهيل، ولم يصبحوا مدمنين ايضًا. 95% منهم توقفوا بعد أن عادوا الى منازلهم مباشرة.

ليست المشكلة في المواد الكيمائية، المشكلة في القفص الخاص بك.
إذا كنت مؤمن بالنظرية القديمة للإدمان إذا انت على خطأ، ولكن إذا كنت تؤمن بنظرية البروفيسور ألكسندر فأنت على حق. لأنه إذا وضعت في غابة مرعبة وحيدًا في بلد أجنبي حيث ستضطر للقتل أو الموت في أي لحظة فإن استخدام الهيرويين وسيلة رائعة لقضاء بعض الوقت، ولكن إذا عدت الى منزلك مع عائلتك واصدقائك فهذا يشبه الخروج من القفص الأول الى المنتزه البشرى.

البشر بطبيعتهم لديهم حاجة فطرية الى الترابط والاتصال مثل حاجتهم لشرب الماء، عندما نكون سعداء وبصحة جيدة، سوف نترابط ونندمج مع الناس ونكون علاقاتنا الخاصة، أما عندما نكون مصابون بصدمات نفسية او بائسين من الحياة ومعزولين لا نستطيع أن نتواصل مع البشر من حولنا فأننا سوف نرتبط بشيء يعطينا الشعور بالارتياح، قد يكون الجلوس امام التلفاز لساعات طويلة او العاب الفيديو او لعب القمار او التحقق من الهاتف الذكي الى ما لا نهاية أو الكوكايين.
سوف نحاول أن نخلق لأنفسنا بديلا نتصل به ونترابط معه لكي نشبع حاجتنا البشرية. طريق التخلص من الارتباطات الضارة هو تكوين ارتباطات صحية، أن تكون متصلا بالناس وحاضرًا معهم.
في إحصائية ظهرت في الولايات المتحدة انه منذ خمسينات القرن الماضي ومتوسط عدد الأصدقاء للفرد الأمريكي يتراجع في الوقت نفسه مقدار المساحة الأرضية في منازلهم تزايدت.

أين الخلل، وما الحل؟
جميع الحروب التي قامت بها المجتمعات على المخدرات قد جعلت كل شيء أسوأ، لأنهم يحاربون السبب الخطأ بالتالي لن يصلوا إلى النتيجة الصائبة. نحن نحتاج أن يتعافى المجتمع من الإدمان وليس الأشخاص، نحتاج أن ندرك الخلل ونقوم بإصلاحه، نحتاج أن نتواصل ونترابط مع بعضنا البعض، نحتاج الى بناء مجتمع يشبه منتزه الفئران وليس بناء أقفاص زجاجية معزولة.

في الحقيقة عكس كلمة الإدمان ليس التعافي، عكس الإدمان هو التواصل والخروج من القفص.



المصادر:
1-فيديو يشرح الفكرة:   Addiction






لِما تكتب !

0

ليس كل ما يجول فى خاطرى يستحق أن تعرفه، لكن بعضه يستحق. بعضه هذا لا استطيع أن أخبرك به لفظيًا وجه لوجه، لكن أستطيع أن أخبرك به كتابيًا بالورقة والقلم.

لم أقرأ مائة كتاب حتى أطلق على نفسى لقب كاتب ولا حتى عشرة كتب، ليس لدي فكر أو أسلوب، ليس لدي معرفة كامله بشيء يستحق أن أكتب عنه، كل ما فى الامر انى احب ذلك الشيء الذى يسمونه الكتابة،أحب أن أجد شئ ابوح اليه باسرارى ويسمع منى صوت أفكارى، أحبُ وما دمت تحب شيئًا فلابد أن تعبر له عن حبك ولو بنظرة أو ورده أو إشارة... أو حتى كلمة.
 ما دمت تحب فعليك أن تثبت لحبيبك انه يستحق تلك المحبة وانك تستحق أن يبادلك نفس الاحساس.

أنا اكتب لكي أظل أنا، ولكي اضع امام قسوة هذه الدنيا حائط يحول بينى وبينها، حائط أختبئ وراءه من عواصفها وتقلباتها، حائط أخرج فى الصباح من خلفه لكي اواجه العالم وأهرول اليه ليلاً لكي يأوينى بين جدرانه، فلا يبقى لى مأوى  الا الله، ثم الحائط. عندما أعود اليه ليلا اجده فى انتظار حكاية النوم، لا تغفل له عين الا حينما احكى له عن يومى وكيف يعيش الناس حياتهم، أحكى له عن العدل والظلم والصدق والكذب عن الامانة والخيانة،عن الامان والحب والهوى، عن الرزق والحكمة والصبر، عن خناقة المواصلات يوميًا على الأجرة وعن المرأه التى تبيع المناديل أمام باب الجامعة منذ ثلاث سنوات، عن الرجل ذو الشعر الابيض الذى يجلس على الرصيف ليريح ظهره من جمع زبالة الناس، عن الشاب الذى شحب وجه وذبلت عينيه مثل اوراق نبات جفت من قلة المياه ومن السهر  فى العمل ليلاً لكي يوفر حياة كريمة لزوجته مستقبليًا. عن الطفل الذى يمسح السيارات فى الاشارة واخته التى تبيع علب المناديل ذات الرائحة، عن اشياء لا تُرى بالعين إنما بالقلب.

الخيال هو رفيقى الوحيد فى هذا العالم الذى لا يمكن أن استغنى عنه، هو معى اينما اكون فى المواصلات او داخل قاعة المحاضرات، فى نومى وفى أحلامى، فى يقظتى وفى عملى، لماذا استغنى عنه وهو من يحيينى، من يمدنى بالكهرباء لكي أرى ما لا يستطيع ان يراه الآخرون، لذك من حقه علي ان يتحول الى واقع ولو كان على ورق ولكي يخرج من قوقعته ليرى النور. هو يستحق ذلك.

الكتابة بالنسبة لي ليست مجرد طقوس او ان تحضر ورقه وقلم، أو تحرك اصابعك على لوحة المفاتيح، الكتابة هي انتقال من عالم الى عالم، من شخص الى شخص، تحول من حالة الى حالة، مثل تحول الماده من الحالة السائلة الى الغازية فإن الماء يصير بخار فى الهواء، كذلك الكتابة هي تحول شئ الى شئ مضاده تمامًا. شئ لايدركه عقل انسان فى فهم ماهيته بل يشعر به.

 أُكمل فى وقت لاحق  ....
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

جميع الحقوق محفوظه © دماغ للبيع

تصميم الورشه